عمدة طنجة في قلب العاصفة.. تلميع إعلامي لا يُخفي فشل التدبير

في خضم تصاعد موجة الانتقادات التي تواجهها جماعة طنجة، اختار العمدة مؤخرًا الظهور أمام الكاميرا، ليس لتقديم كشف حساب أو شرح فشل عدد من المشاريع، بل عبر سلسلة حوارات مصورة موجهة، نُظّمت بعناية مع مواقع إعلامية معروفة بقربها من دائرة القرار المحلي، في محاولة يراها متابعون أشبه بـ”الهروب إلى الأمام” وتلميع صورة باهتة.

اللافت أن أحد الصحفيين الذين حاوروا العمدة يشتغل لديه رسميًا في ديوانه، ويتقاضى أجرًا من المال العام، ما يُفرغ مضمون اللقاءات من أي استقلالية أو موضوعية، ويجعلها أقرب إلى “تصوير داخلي” منه إلى عمل صحفي. وقد أثار هذا السلوك استغراب فاعلين إعلاميين، الذين تساءلوا: هل أصبح العمدة يفضل الحديث فقط مع موظفيه بدلًا من مواجهة الصحافة الحرة؟

ومما زاد من حدة الانتقادات، أن العديد من المتابعين للشأن المحلي عبّروا عن استيائهم من مضمون هذه الحوارات، مشيرين إلى أن تصريحات العمدة اتسمت بـ”اللبس” و”تقديم مغالطات” بخصوص عدد من الملفات، سواء المتعلقة بصفقات الجماعة أو بتدبير مشاريع البنية التحتية، في غياب تام لأي معطيات دقيقة أو أرقام واضحة.

ورغم أن هذه اللقاءات تبدو في ظاهرها نوعًا من الانفتاح على الإعلام، إلا أنها، في جوهرها، مجرد بروباغندا محلية الصنع، تُبث دون مساءلة، ولا تفسح مجالًا لأي رأي مخالف أو تساؤل جريء. فطنجة اليوم لا تحتاج إلى كاميرات محابية، بل إلى من يملك الشجاعة لمواجهة الواقع ومصارحة المواطنين.

ويأتي هذا التوجه الإعلامي الانتقائي في وقت يعيش فيه المجلس الجماعي حالة ارتباك واضحة، وسط فشل في تدبير عدد من الملفات الحيوية، أبرزها النقل العمومي، صيانة البنية التحتية، وتدبير المناطق الخضراء. وقد اختار العمدة، بدلًا من مصارحة الساكنة بحقيقة ما يقع، أن يتقوقع داخل حوارات “تجميلية”، لا تخرج عن كونها تسويقًا شخصيًا على حساب القضايا الحقيقية.

واقع المدينة اليوم لا يمكن تغطيته بعدسة مصور موالٍ، ولا تبييضه بتقارير مأجورة، لأن الشارع الطنجي يرى ويسمع ويدرك حجم الخلل. من يُدبر مدينة بمليارات الدراهم، لا يجب أن يختبئ خلف أسئلة مرتبة، أو يختار صحفيًا تحت سلطته لتلميع صورته. طنجة تستحق أكثر من هذا بكثير.

إعلان

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...