إسبانيا تواجه أضخم حريق في تاريخها: 343 ألف هكتار محروقة وآلاف المُهجّرين والحرائق ما تزال متواصلة

تشهد إسبانيا منذ مطلع شهر غشت موجة حرائق غير مسبوقة وصفت بأنها الأسوأ منذ عقود، بعدما أتت على أكثر من 343 ألف هكتار من الغابات والأراضي الطبيعية، وتسببت في خسائر بشرية ومادية جسيمة.

بدأت الشرارة الأولى مطلع الشهر، لكن ابتداءً من 5 غشت تسارعت الحرائق بشكل غير مسبوق، لترتفع المساحة المحروقة من حوالي 47 ألف هكتار إلى مئات الآلاف خلال أيام قليلة. وفي 10 غشت اندلع حريق “Molezuelas de la Carballeda” في إقليمي زامورا وليون، والذي تحول لاحقاً إلى الأكبر في تاريخ البلاد الحديث بعدما دمر أكثر من 37 ألف هكتار. أما في إستريمادورا، فقد بدأ حريق “Jarilla” يوم 13 غشت، مخلفاً دماراً واسعاً وإجبار قرى بأكملها على العيش في عزلة تامة.

وتزامناً مع هذا التصعيد الخطير، شهدت البلاد في 12 غشت أولى عمليات الإجلاء الجماعي، حيث اضطر أكثر من ثلاثين ألف شخص إلى مغادرة منازلهم، فيما توقفت حركة القطارات السريعة بين مدريد وغاليثيا وأُغلقت طرق رئيسية نتيجة امتداد ألسنة اللهب.

الحرائق أودت بحياة أربعة أشخاص، بينهم مدنيون ورجال إطفاء، وأصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة. وللتصدي لهذه الكارثة، نشرت السلطات أكثر من ثلاثة آلاف جندي من وحدات الطوارئ العسكرية مدعومين بطائرات إطفاء ومعدات متطورة، كما قدمت عدة دول أوروبية دعماً لوجستياً لإسبانيا.

وتعتزم الحكومة إعلان بعض المناطق المنكوبة مناطق كوارث طبيعية لتسريع إجراءات الدعم والتعويض. في الوقت نفسه، كشفت التحقيقات عن وجود شبهة جنائية في عدد من هذه الحرائق، حيث جرى توقيف اثنين وثلاثين شخصاً والتحقيق مع أكثر من تسعين آخرين بتهم تتعلق بإشعال النيران عمداً.

ويجمع الخبراء على أن التغير المناخي كان عاملاً رئيسياً في تفاقم الأزمة، إذ تسببت موجة حر استثنائية وجفاف حاد في جعل الغطاء النباتي هشاً أمام النيران. رئيس الوزراء بيدرو سانشيز دعا إلى “اتفاق وطني لمواجهة الأزمات المناخية”، بينما زار العاهل الإسباني الملك فيليب السادس وحدات الطوارئ لمتابعة جهود الإطفاء ميدانياً.

ولا تقتصر التداعيات على الخسائر البيئية والاقتصادية، إذ تؤكد دراسات حديثة أن دخان الحرائق يشكل خطراً صحياً كبيراً، حيث يضاعف من مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب، ما يفتح الباب أمام تحديات جديدة تتجاوز المدى القريب.

إعلان

إعلان

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...